صدمات تمتد حتى البلوغ.. طلاق الوالدين يترك آثاراً طويلة في حياة الأطفال

لا ينتهي الطلاق عند قرار الانفصال بين الزوجين، بل يبدأ معه فصل جديد من التحديات في حياة الأطفال.. هذا ما كشفته دراسة أمريكية حديثة، مشيرة إلى أن الأطفال الذين يشهدون طلاق والديهم في سن مبكر -خاصة قبل سن الخامسة- يواجهون مستقبلًا أكثر هشاشة من أقرانهم.

بحسب الدراسة، فإن هؤلاء الأطفال معرضون لاحقًا لانخفاض في مستوى دخلهم عند البلوغ، كما تزداد احتمالات دخولهم السجن أو تعرّضهم للوفاة المبكرة، أو حتى الإنجاب في سن المراهقة وفق وكالة أسوشيتدبرس.

انهيار اقتصادي واجتماعي

الطلاق غالبًا ما يعني انقسام الأسرة إلى منزلين، ما يؤدي إلى تراجع كبير في الدخل، يصعب تعويضه حتى بعد سنوات، وغالبًا ما تضطر العائلات للانتقال إلى أحياء ذات فرص أقل، ويبتعد الأب عن حياة الأبناء، ما يعمّق شعور الفقد لديهم.

ويرى الباحثون أن الطلاق لا يمثل مجرد توقيع على أوراق، بل هو زلزال يمس البنية العاطفية والاقتصادية للطفل، مكوّن من ثلاثة عوامل أساسية: فقدان الموارد المالية، وتراجع البيئة السكنية، وغياب أحد الوالدين أو انشغاله.

ندوب لا تندمل

تجارب حية تؤكد هذه النتائج.. حيث يقول براندون هيلان، رجل في منتصف الخمسينيات من عمره، إنه لم يشعر بالاستعداد للالتزام بعلاقة جدية أو إنجاب الأطفال إلا بعد منتصف الثلاثينيات، أعتقد أن طلاق والدي شكّل داخلي حاجزًا لا يُرى، جعلني أتعامل مع العلاقات وكأنها مؤقتة.

وبينما تكشف الدراسة عن هذه الآثار العميقة، فإنها لا تستطيع أن تُظهر كيف كان سيكون شكل الحياة الأسرية لو بقي الزوجان معًا، ويعلّق الباحث فيليب كوهين: "الآباء والأمهات يعرفون أن الطلاق قد يحمل تبعات مؤلمة لأطفالهم، لكنهم يضطرون أحيانًا لاتخاذ أصعب القرارات من أجل مصلحتهم ومصلحة أبنائهم".

ليس دائمًا الخيار الأسوأ

ليست كل الدراسات متفقة حول نتائج الطلاق؛ بعضها يرى أن استمرار الزواج في ظل نزاعات دائمة يضر الأطفال أكثر من الانفصال، في حين تركز أخرى على أن الطلاق يؤدي غالبًا إلى خسائر مادية وعاطفية يصعب إصلاحها.

وفي نهاية المطاف، توضح الدراسة أن أثر الطلاق -سواء على الصحة النفسية أو الفرص الاقتصادية- لا يفرّق كثيرًا بين الطبقات الاجتماعية أو الخلفيات العرقية، بل يظل حاضرًا في الذاكرة والنمو النفسي للأطفال، حتى إن اختفت نتائجه من الأرقام.